تبين قراءة سريعة لأبرز الاستفتاءات التي نظمها موقع الجزيرة نت في الفترة من 1/10/2001 إلى 17/9/2002 والتي بلغت 39 استفتاء أن أغلبية المشاركين في الاستفتاءات تؤيد التوجه العام لحركات المقاومة فيما يتعلق بالعمليات الفدائية ومشروع إقامة الدولة الفلسطينية والموقف من جملة المطالب الأميركية والإسرائيلية.
وسنستعرض هنا هذه الاستفتاءات في ثلاثة محاور تتناول قضايا المقاومة الفلسطينية وقضايا الدولة الفلسطينية ومستقبل السلطة الفلسطينية. وقد أغفلنا بعض الاستفتاءات التي تناولت بعض القضايا كالموقف العربي العام وموقف الأمم المتحدة وقضايا الإرهاب والدور الأميركي لأنه لم ترد في مجملها بشكل متعدد يتيح رصد ظواهر عامة عن طريقها.
”
في استفتاءات الجزيرة نت بشأن الصراع العربي الإسرائيلي يؤيد الاتجاه العام المقاومة الفلسطينية
”
قضايا المقاومة الفلسطينية
تناول الموقع قضايا المقاومة الفلسطينية الحالية في 16 استفتاء، وقد تناول الاستفتاء الأول وهو المؤرخ من 30/11-3/12/2001 مدى وجوب ارتباط توقيت الهجمات العسكرية للمقاومة الفلسطينية بالتحركات الدبلوماسية إذ أصرت الأغلبية الساحقة (59.4%) على عدم وجوب ذلك ملمحين إلى أن اختلاف المشروعين السلمي والعسكري المقاوم جذريا يؤكد عدم وجود أي ترابط بين الاثنين، في حين رأت نسبة 37.2% من المشاركين وجوب ترابط التحركين وهو موقف يدعو له تنوع الأساليب واتحاد الهدف إذ إن العمل العسكري يستلزم وجود عمل دبلوماسي يبرره ويسنده والعمل الدبلوماسي لا يستغني عن العمل العسكري المساند. ووفق تلك الرؤية يتوجب على السلطة الفلسطينية وحركات المقاومة تنسيق أعمالهما حتى يستفيد من ذلك الشعب الفلسطيني ويتجنب الطرفان ما يحاك من أجل إشعال المعركة بينهما.
ويبرر ذلك ما جاء في الاستفتاء التالي في الفترة من 3-6/12/2001 الذي اعتبرت فيه الأغلبية الساحقة (90.8%) أن اعتقالات السلطة الفلسطينية لناشطي حركتي حماس والجهاد الإسلامي لا تخدم القضية الفلسطينية.. كما يتأكد ذلك في استفتاء آخر في الفترة من 12-15/12/2001 إذ رفضت الأغلبية الساحقة (86.6%) تفكيك خلايا حماس والجهاد الإسلامي مقابل قيام إسرائيل بحل وحدات المستعربين في جيش الاحتلال ونزع سلاح المستوطنين، والنظر هنا منصب على أن الحركتين تتصديان لمشروع تحرير أكبر من مجرد حل وحدتين في المنظومة الأمنية للاحتلال. وهذا التوجه تؤكده نتائج استفتاء 18-21/12/2001 إذ رأت الأغلبية الساحقة (84.4%) أنه لا يجوز وقف العمليات الفدائية التي تقودها وتنفذها حركات المقاومة في سبيل نزع ذرائع العدوان الإسرائيلي معتبرين أن العدوان سيستمر في كل الظروف وأن القضية ليست قضية عمليات آنية تقوم بها المقاومة فترد إسرائيل أو العكس وإنما قضية مشروع تحرير شامل لأراض مغتصبة واسترجاع حقوق منتهكة.
وعن شمول العمليات العسكرية واشتراك جميع المواطنين الفلسطينيين فيها بغض النظر عن الجنس رأت نسبة 81.6% من المشاركين في استفتاء 4-7/2/2002 وجوب مشاركة المرأة الفلسطينية في عمليات المقاومة المسلحة وذلك بعد أن نفذت ناشطة فلسطينية عملية فدائية بتفجير نفسها في القدس المحتلة.
ويأتي استفتاء 6-09/3/2002 ليتناول قضية محورية في العمل العسكري الفلسطيني وهي إشكالية استهداف "مدنيين" إسرائيليين في العمليات الفدائية التي ينفذها استشهاديون فلسطينيون ضد التجمعات العامة لليهود.. فقد رفضت الأغلبية (62.5%) حصر العمليات العسكرية الفلسطينية لتستهدف الجنود والمستوطنين فقط معتبرين أن المجتمع الإسرائيلي المعسكر يجب أن يستهدف كله بتلك العمليات واضعين في الاعتبار أن إمكانات المقاومة لا تسمح باستهداف الجنود والمستوطنين وحدهم وأن هدف إيذاء العدو مقدم هنا على اعتبارات لا يراعيها العدو في سلوكه اليومي مع الفلسطينيين.. لكن كل ذلك لم يمنع نسبة معتبرة وصلت إلى 36.2% من المشاركين في الاستفتاء بالقول بوجوب حصر تلك العمليات لتستهدف الجيش والمستوطنين اليهود فقط.
وما جاء في هذا الاستفتاء أكده استفتاء بالصيغة نفسها تقريبا في 5-8/8/2002 إذ رفض 65.4% من المشاركين قصر العمليات العسكرية على المستوطنين والجيش الإسرائيلي مقابل 32.8% أيدوا ذلك.
ولتأكيد طابع الإيذاء الذي تحققه العمليات التي تقوم بها منظمات المقاومة أكدت الأغلبية الساحقة في استفتاء 9-12/3/2002 أن تراجع شارون عن الشروط التي أراد فرضها حينها لاستئناف المباحثات الأمنية مع السلطة الفلسطينية إنما يعود لتصاعد الهجمات الفلسطينية وليس للانتقادات الأميركية (11.3%).
وجاءت الأغلبية الساحقة (98.3%) في استفتاء 30/3-2/4/2002 لترفض وقف الانتفاضة مقابل رفع الحصار عن عرفات إذ اعتبر هؤلاء حصار الرئيس الفلسطيني جزءا من ظاهرة وتفاعلات الاحتلال بصفة عامة وهو ما جاءت الانتفاضة للقضاء عليه لا للتعاطي مع بعض تفصيلاته الجزئية التي يمكن أن تلهي الجميع عن الأصل المقصود.
وتصديقا لذلك اعتبرت الأغلبية (64.4%) في الاستفتاء التالي بتاريخ 2-5/4/2002 أن اجتياح إسرائيل لمناطق السلطة الفلسطينية إنما يستهدف وقف الانتفاضة وليس وأد المبادرة التي أطلقها العرب في مؤتمر بيروت حينها بمبادرة من ولي العهد السعودي الأمير عبد الله بن عبد العزيز (21.2%)، كما اعتبروا أنها لم تستهدف إقصاء عرفات من السلطة (12%).
واعتبرت أغلبية بسيطة (50%) من المشاركين في استفتاء 5-8/4/2002 أن إعلان الجهاد هو الأجدى في دعم الانتفاضة الفلسطينية في حين اعتبر 19.2% أن استخدام سلاح النفط أولى ونادى 18.7% بفتح الحدود وأيد 11.3% استخدام أسلوب المقاطعة الاقتصادية.
واعتبرت أغلبية ساحقة (69.8%) في استفتاء 14-18/4/2002 أن استجابة السلطة لشرط إدانة العمليات الفدائية قبيل بدء المحادثات يعتبر عملا غير مبرر، وأكدت الأغلبية الساحقة (93.7%) في استفتاء 27-30/4/2002 أن الاجتياح الإسرائيلي الحالي لن ينجح في وقف العمليات الفدائية الفلسطينية.
ورفضت أغلبية ساحقة أخرى (85.4%) في استفتاء 6-9/5/2002 قبول السلطة الفلسطينية إبعاد مقاومين إلى الخارج لإنهاء الحصار الذي فرضته قوات الاحتلال على كنيسة المهد في بيت لحم. واعتبرت أغلبية ساحقة (88.6%) أن دعوة القيادة الفلسطينية لوقف العمليات الفدائية لن تؤدي إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة.. وعلى صلة بذلك رفضت أغلبية ساحقة أخرى (90.5%) إدانة حركات المقاومة الفلسطينية مقابل إدانة مجلس الأمن الدولي لإسرائيل ورأوا في ذلك المنطق الذي نادت به أميركا حينه مساواة بين الضحية والجلاد.
وفي آخر استفتاء مرصود اعتبرت أغلبية ساحقة (87.9%) قبول السلطة الفلسطينية على لسان رئيسها ياسر عرفات المشروع الذي أطلقه وزير الدفاع الإسرائيلي بنيامين بن إليعازر والمسمى غزة أولا أمرا مرفوضا ولا يخدم المصلحة الفلسطينية.
قضايا الدولة الفلسطينية
الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات مع أعضاء المجلس التشريعي
تناولت أربعة استفتاءات قضية إقامة الدولة الفلسطينية بشكل صريح وواضح.. وكان أول هذا الاستفتاءات زمانا (18-21/10/2001) هو الاستفتاء المتعلق بمدى تأثير عملية اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي في فرص قيام الدولة الفلسطينية. فقد اعتبرت أغلبية المشاركين أن العملية التي نفذتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين انتقاما لمقتل أمينها العام أبو علي مصطفى على أيدي قوات الاحتلال لن تؤثر في فرص قيام الدولة الفلسطينية، إذ أجاب بالنفي 74.7% في حين رأى 22.6% أن العملية ستؤثر في فرص قيام الدولة الفلسطينية.
وجاء نفي الغالبية من منطلق أن عملية إطلاق الدولة خاضعة لمجمل الاتفاقات التي تربط بين السلطة الوطنية الفلسطينية وإسرائيل وأن الجبهة الشعبية التي قامت بالعملية تعتبر إحدى حركات المقاومة التي ترى فيها السلطة وإسرائيل عدوا لاتفاقات السلام.. كما أن الحكومة الإسرائيلية الحالية بقيادة اليميني أرييل شارون ترفض تلك الاتفاقات ولا ترى مجالا لإقامة دولة فلسطينية في ظل الظروف والمعطيات الحالية.
وذلك ما أكدته نتائج استفتاء 6-9/11/2001 التي اعتبرت أن تصريح كل من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا عن قيام الدولة الفلسطينية لن تؤثر في الموقف الإسرائيلي من مشروع قيام الدولة أصلا، إذ اعتبرت الأغلبية (73.8%) أن الوضع الحالي هو المفضل بالنسبة لإسرائيل وإن قالت نسبة 23.1% أن هذه التصريحات يمكن أن تغير الموقف الإسرائيلي لصالح قيام دولة فلسطينية ناقصة السيادة، في حين لم يتوقع أن تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية كاملة السيادة إلا نسبة ضئيلة لم تتجاوز 1.5% من مجموع المشاركين.
وقد تكرست نتيجة ذلك الاستفتاء في استفتاء آخر لاحق بتاريخ 21-24/11/2001 أعلنت فيه الغالبية العظمى (94.2%) أن إسرائيل لن تتجاوب مع تصريحات وزير الخارجية الأميركي كولن باول بشأن الدولة الفلسطينية ووقف الاستيطان.
وبشأن جدوى قيام الدولة الفلسطينية لصالح إسرائيل أمنيا رأت أغلبية 62.3% من المشاركين في استفتاء 9-12/6/2002 أن قيام هذه الدولة لن يضمن وقف العمليات الفدائية ضد إسرائيل، وهو ما عارضته نسبة 34.7% من المشاركين في التصويت.
وردا على الجدار الأمني الذي أقامته إسرائيل بين أراضي 48 والأراضي المحتلة عام 1967 في الضفة والقطاع رأت نسبة 49.6% من المشاركين في استفتاء 18-21/6/2002 أن ذلك الجدار لن يشكل حدودا دائمة بين الدولة الفلسطينية المرتقب إقامتها على أراضي 1967 وبين إسرائيل، لكن 44.8% من المشاركين رأوا أنه سيشكل حدودا دائمة. وتكمن أسباب تقارب النسبتين في أن الاتجاه السائد دوليا وعلى أساس اتفاقات السلام هو أن الدولة الفلسطينية ستقوم على الأراضي العربية المحتلة عام 1967 وهي الأراضي التي تدعو قرارات الأمم المتحدة إسرائيل إلى الانسحاب منها، لكن قادة إسرائيل يسارا ويمينا يرفضون الانسحاب الكامل من كل تلك الأراضي ويصرون على الاحتفاظ ببعضها.
مستقبل السلطة الفلسطينية
تناول الموقع قضايا مستقبل السلطة الفلسطينية في هذه الفترة في عدة استفتاءات.. ففي استفتاء 23-26/1/2002 اعتبرت الأغلبية (54.7%) تداعيات الوضع الناتج عن الاجتياح الإسرائيلي لمناطق السلطة الفلسطينية حينها يمكن أن يؤدي إلى تفكيك السلطة الفلسطينية، وهو ما عارضه 41.2% معتبرين أن الاجتياح لن يفكك تلك السلطة لأنه يستهدف البنية التحتية لحركات المقاومة الفلسطينية التي تعارض السلطة الفلسطينية نفسها أيضا.. وفي هذا السياق اعتبرت الأغلبية (76.7%) في الاستفتاء أن الاجتياح يستهدف تحقيق أكبر تنازلات ممكنة من عرفات وأنه لا يسير نحو تفكيك سلطته ولا الإطاحة به (2.3%).
وفي استفتاء بتاريخ 12-15/5/2002 اعتبرت أغلبية بسيطة (51.5%) أن الأفضل لعرفات في الوقت الراهن هو التنحي عن السلطة وقيادة الفلسطينيين، في حين اعتبر 40% أن عليه الصمود والمقاومة، ودعاه 6% للتفاوض مع إسرائيل بحثا عن مخرج.
وفي استفتاء 15-18/5/2002 اعتبرت الأغلبية الساحقة (80%) أن الإصلاحات التي تقوم بها السلطة الفلسطينية لن تكلل بالنجاح، وقال 67.3% من المشاركين في استفتاء 27-30/6/2002 إن الفلسطينيين لن يستجيبوا لطلبات الرئيس الأميركي جورج بوش باستقالة الرئيس الفلسطيني في حين اعتبر 28.4% أنهم سيستجيبون لذلك.